تصلي صلاة الوقت ثم تصلي معها ما تيسر من الفوائت، حيث ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنّ الترتيب بين الفوائت وبين فرض الوقت واجب.
وبه قال النّخعيّ والزّهريّ وربيعة ويحيى الأنصاريّ والليث وإسحاق.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ما يدلّ عليه، واستدلّوا بقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (من نسي صلاةً أو نام عنها فكفارتها أن يصلّيها إذا ذكرها)، وفي بعض الرّوايات: (من نسي صلاةً فوقتها إذا ذكرها).
فقد جعل وقت التذكّر وقت الفائتة، فكان أداء الوقتية قبل قضاء الفائتة أداءً قبل وقتها.
فلا يجوز وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نسي أحدكم صلاته فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصلّ مع الإمام، فإذا فرغ من صلاته فليصلّ الصلاة التي نسي، ثم ليعد صلاته التي صلى مع الإمام).
وروى أحمد (أنّه صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب، فلما فرغ قال: هل علم أحد منكم أنّي صليت العصر؟
قالوا: يا رسول الله، ما صليتها، فأمر المؤذّن فأقام الصلاة فصلى العصر، ثم أعاد المغرب)، وقد قال: (صلّوا كما رأيتموني أصلّي) وكالمجموعتين.
ذهب الحنابلة والمالكية في قول إلى أنّ الترتيب واجب في قضاء الفوائت وإن كثرت.
ويرى الحنفية أنّه يسقط الترتيب بكثرة الفوائت الحقيقية أو الحكمية، لأنّ اشتراط الترتيب إذ ذاك ربما يفضي إلى تفويت الوقتية، وهو حرام، والمعتبر خروج وقت السادسة في الصحيح، لأنّ الكثرة بالدّخول في حدّ التكرار، وروي بدخول وقت السادسة.
وصرح الحنفية بأنّه كما سقط الترتيب فيما بين الكثيرة والحاضرة سقط فيما بين أنفسها على الأصحّ.
ولا يعود الترتيب بين الفوائت التي كانت كثيرةً بعودها إلى القليلة بقضاء بعضها، لأنّ الساقط لا يعود في أصحّ الرّوايتين عند الحنفية وعليه الفتوى.
وقال بعضهم: يعود الترتيب، وصحح هذا القول الصدر الشهيد، وفي الهداية: هو الأظهر، لأنّ علة السّقوط الكثرة وقد زالت.
ولا يعود الترتيب أيضًا بفوت صلاة حديثة بعد نسيان ستّ قديمة، فتجوز الوقتية مع تذكّر الحديثة لكثرة الفوائت على الأصحّ عند الحنفية، وعليه الفتوى عندهم.
وقيل: لا تجوز الوقتية، ويجعل الماضي كأن لم يكن زجرًا له، وصححه في معراج الدّراية، وفي المحيط: وعليه الفتوى.
ويقول المالكية على المذهب بوجوب ترتيب الفوائت قلت أو كثرت ترتيبًا غير شرط، فيقدّم الظّهر على العصر، وهي على المغرب وهكذا، وجوبًا ، فإن نكس صحت، وأثم إن تعمد ولا يعيد المنكس.
وذهب الشافعية والمالكية في قول إلى أنّ الترتيب في قضاء الصلوات بين فريضة الوقت والمقضية مستحبّ، فإن دخل وقت فريضة وتذكر فائتةً، فإن اتسع وقت الحاضرة استحب البدء بالفائتة.
وإن ضاق وجب تقديم الحاضرة، ولو تذكر الفائتة بعد شروعه في الحاضرة أتمها، ضاق الوقت أم اتسع، ثم يقضي الفائتة، ويستحبّ أن يعيد الحاضرة بعدها.
الكاتب: د. عبد الله سمك
المصدر: موقع مصراوي